عالم تصميم السيارات

لا يختلف اثنان في أن تصميم السيارة أحد المعايير الرئيسية لاختيارها، فشكل السيارة لا يقل أهمية عن خصائصها الأخرى، خاصة إذا كان الأمر متعلقاً بالرفاهية والمظهر الاجتماعي، فضلاً عن الرضى النفسي تجاه تلك المركبة، لذا فإن الشركات تولي عملية التصميم الخارجي والداخلي أهمية بالغة كما تحرص أن تظهر المركبات بالمظهر المميز، لأن ذلك ينعكس مباشرة على مبيعات الشركة، فعلى سبيل المثال قامت شركة هونداي بتوظيف مصمم ألماني من شركة BMW أمريكا ، كما فعلت نظيرتها كيا سابقاً وقامت بتعيين مصمم ألماني من شركة أودي، وقد انعكس هذا بصورة ملحوظة على انتشار مبيعات الشركتين كما نعلم… واليوم أتتكم فرصة للدخول إلى عالم تصميم السيارات لمعرفة مراحل التصميم التي تمر بها السيارة حتى الوصول إلى الشكل النهائي.

يبدأ كل عمل بالتخطيط لما تريد فعله، وهنا يكون التخطيط مبنياً بالكامل على الخيال الخصب، بعدها تتم ترجمة هذه الخيالات إلى خطوط على الورق، وبعد الكثير من التخطيط والتعديل يتم الوصول إلى شكل مقبول يمثل خيال سيارة جديدة. وفي بعض الشركات، قد تتم إعادة الرسم على لوحة بحجم كبير لتكون الرؤية أوضح، مثل ما يحدث في شركة BMW فالمقاس الكبير للرسم يوضح تفاصيل أكثر عن السيارة لا تبدو واضحة على الورق ذي الحجم الصغير.

بعد ذلك يتم ادخال هذه الرسومات على الحاسوب لإنتاج شكل ثلاثي الأبعاد باستخدام برامج التصميم، ويتم التعديل على الشكل هنا وهناك حتى يتم الوصول لنتيجة مرضية.

بعدها يمكن صنع نموذج طيني مصغر للسيارة لإتاحة المزيد من التطوير على الشكل.

عندما يصبح الشكل الثلاثي الأبعاد جاهزاً على الحاسوب، فإن هناك العديد من الاختبارات تتم عليه للتأكد من انسيابية الشكل، وتناسقه مع حركة الهواء عندما يحتك مع السيارة أثناء الانطلاق، وهي نقطة حاسمة بالنسبة لقبول شكل السيارة أو رفضه، وعادة ما تتم المزيد من التعديلات لزيادة الانسيابية.

بعد الوصول للشكل المطلوب افتراضياً داخل الحاسوب، فإنه يتم صنع نموذج طيني أو خشبي للسيارة بالحجم الكامل، هذا النموذج يتم نحته من خلال آلة مبرمجة تترجم الشكل الناتج داخل الحاسوب إلى نحت حقيقي على الطين، وذلك لإضفاء اللمسات الأخيرة على التصميم، فتتدخل أيدي نحّاتين مهرة للغاية لوضع اللمسة الأخيرة على نموذج السيارة.

الآن أصبح الشكل النهائي للسيارة جاهزاً، فبعد اكتمال النحت يتم كسوة النموذج الطيني بنسيج ليعطي نفس الإحساس كما لو كانت السيارة جاهزة، وهذا يساعد على مراقبة تفاعل سطح السيارة مع انعكاسات الضوء.

بالتزامن مع الشكل الخارجي للسيارة، يتم العمل على المحتوى الداخلي، لتوفير الراحة والترفيه للمستخدم، فشكل المقاعد ومساحتها بالإضافة إلى الخامات المستخدمة في التصنيع شيء لابدّ أن يعبر عن الفخامة، هذا بالإضافة إلى اختيار الألوان والتأكد من تناسق الداخل مع الخارج، وأثناء عملية التصميم الداخلي يتم مراعاة راحة المستخدم في التعامل مع مكونات السيارة، وذلك بالتأكد أن كل أزرار التحكم في متناول يد المستخدم. وفي الآونة الأخيرة باتت الأجهزة الملحقة بالسيارة شيء لابدّ منه، فلم يعد تشغيل المذياع وحده يكفي داخل السيارة، فصارت هناك أجهزة فيديو وشاشات ملحقة، هذا غير أنظمة الملاحة المدمجة، وفي المستقبل القريب ننتظر نظام القيادة الآلي، فبينما تحتسي أنت فنجاناً من القهوة داخل سيارتك، يتكفل الحاسوب بالقيادة وسط الزحام دون أدنى مشاكل مرورية.

أما من الناحية الهندسية، فيأتي تحديد المحرك وناقل الحركة ونوع الدفع. فعزم السيارة الناتج وسرعتها هو ما سيحدد طبيعة استخدامها، فسيارات السباق تختلف عن سيارات المدينة أو شاحنات النقل. وكل ذلك يتم تحديده على حسب السوق المستهدف، ويتم تصميم كل ذلك على الحاسوب بعد معرفة الحجم المتاح لتركيب هذه الأجزاء، وبعد عمل الحسابات الهندسية، يتم اجراء الكثير من الاختبارات على النموذج الهندسي الناتج حتى يتم الوصول للنتيجة المطلوبة.

وفي أثناء التصميم الجمالي والهندسي يتم مراعاة سلامة السائق والركاب، وذلك بتضمين وسائل تعزز السلامة مثل أحزمة الأمان، ووسادات الهواء، وحساسات التنبيه، بالإضافة لدراسة الأثر الناتج على السائق عند اصطدام السيارة، وتتم مثل هذه الاختبارات داخل الشركات بوضع دمية مكان السائق، هذه الدمية تكون مجهزة بحساسات لقياس الضربات التي يتلقاها السائق وذلك بعد عمل حادث اصطناعي متعمد للاختبار داخل المعمل.

قد تختلف هذه التفاصيل من شركة لأخرى، إلا أنها تمثل الشكل العام لعملية التصميم التي تمر بها السيارات داخل مختلف الشركات العالمية، ولا ننسى أن عملية التصميم هي عملية جماعية، حيث تمتلك الشركة الواحدة عدد من المكاتب حول العالم وذلك لملائمة جميع الأذواق لمختلف الثقافات والبلدان، أما التصنيع فهو أمر مختلف يأتي لاحقاً، ولكن في النهاية يكون الناتج شكل جذاب يغزو العالم…

مقالات أخرى:

• مؤسس شركة هوندا اليابانية
• جمال الخط العربي
• جحيم بيرل هـاربُـر (الغزو الياباني لأمريكا)
• رحلة للصحراء الكبرى
• رحلة مصورة إلى القارة المتجمدة