عباءة التخفي: حلم بات قريب المنال

468x60

تلك الأحلام التي راودت كتّاب روايات الخيال والسحر قديماً وحديثاً، على وشك أن تخرج من بين صفحات تلك الكتب لنراها أمامنا، كيف لا وقد صار العلم يستوحي أفكاره من الأحلام، حتى بات الكثير منها جزءاً من حياتنا، وربما ينجح العلم في تطبيقٍ مثل هذا أيضاً. وقد ظهرت عباءة التخفي في قديم الأساطير الأوربية التي تحكي عن الملك آرثر ومحاربيه، وكذلك في الخرافات اليابانية والحكايات الألمانية. وحديثاً في روايات الخيال والسحر… ولا زالت تلك العباءة تلاحقنا.

تستند فكرة التخفي عن الأنظار (بالمفهوم العلمي) على مبدأ التلاعب بالضوء وتمريره للطرف الآخر حتى يبدو وكأنه لا يوجد هناك شيء بالفعل، كما يمكن أن تدخل مجالات أخرى فيزيائية، كالتلاعب بالصوت لجعل الأشياء لا تظهر عند محاولة اكتشافها بالموجات الصوتية، وقد تدخل عدة تطبيقات فيزيائية أخرى إذا حاولنا إخفاء جسم من جميع النواحي، بحيث لا يظهر حتى عند استخدام عدة طرق للكشف عنه.
للعديد من الأسباب أصبحت عباءة التخفي هدفاً علمياً يحتاج للبحث، فالأمر أكثر من مجرد وسيلة خداع، فهناك استخدامات أخرى لهذه التقنية إذا تم اكتمالها. وقد طرقت هذه العباءة أبواب العلم في أواخر عام 2006 عندما تم إخفاء أسطوانة من النحاس عن طريق استخدام نوع من المواد الخارقة metamaterials واسم مواد خارقة يطلق على مواد يتم انتاجها معملياً وفق مواصفات معينة، وغير موجودة في الطبيعة. وهذه المواد الخارقة التي استخدمت لصنع عباءة التخفي هي مواد تؤثر على مسار الموجات الكهرومغناطيسية، وعند استخدامها مع الأسطوانة، جعلتها تبدو مخفية بالنسبة للموجات الكهرومغناطيسية وليس الضوء العادي، على أمل أن يتمكن العلماء من ادراج الطيف المرئي مستقبلاً. ولإخفاء جسم عن الأنظار نحتاج لمادة يمكنها التعامل مع كل الأطوال الموجية التي تشكل الضوء حتى تصبح الأشياء بداخلها مخفية تماماً.
في عام 2011 تم صنع عباءة من مادة الكالسيت calcite، وهي مادة تحتوي جزيئاتها على بلورات كريستالية تعمل على انكسار الضوء بصورة طبيعية، وبطريقة معينة يمكنها أن تمرر الضوء حول جسم معين لينفذ من الطرف الآخر حتى يبدو الجسم (للعين المجردة) وكأنه غير موجود، وهي تقوم بإخفاء الجسم من جميع الزوايا، ولكن مع بعض التشوهات في الصورة الناتجة، وهي مشكلة لابد من اجتيازها لإنتاج عباءة تخفي عملية. ومادة الكالسيت مرشحة بقوة لهذا التطبيق العلمي فهي تعمل حتى في أطوال موجية أكبر من الضوء المرئي، كما أنها لا تحتاج لتعديلات باستخدام تقنية النانو كما هو الحال مع المواد الأخرى التي كانت تستخدم.
هناك فكرة أخرى تدعو لاستخدام إبر معدنية متناهية الصغر، تمتص الضوء وتجبره على المرور حول العباءة للطرف الآخر، ولكنها تبدو خيالية لحدٍ ما.
في محاولات أخرى للتخفي يمكن استخدام مجموعة عدسات لصنع انكسار ضوئي، مثل تلك التجربة التي حدثت في جامعة روشستر University of Rochester، ولكنها مع ذلك لا يمكن أن يطلق عليها أداة تخفي مطلق، إذ أنها لا تصلح للتمويه إلا من خلال النظر مباشرة إلى العدسة، وإذا قام الشخص بتغيير زاوية الرؤية ستنكشف الخدعة من خلال ملاحظة حركة الأشياء خلف العدسة باتجاه غير معتاد مع الزجاج العادي، ولكن قد تكون هذه التجربة مفتاح لخطوة جديدة إذا تم تطبيق الأمر على مستوى مجهري بحيث يصلح لجميع اتجاهات الرؤية، وقد تصلح (في رأيي) لتطبيق آخر مختلف، كزجاج النوافذ؛ بحيث يمرر الضوء للداخل دون أن ينقل صورة مباشرة للخارج.
تقف الكثير من العوائق أمام صنع عباءة تخفي الأجسام تماماً، وحتى المواد ذات الخواص الخارقة لا تخلو من العيوب، فالضوء الذي يسقط على الجسم، يتم فقد قدر منه من خلال عملية الامتصاص، وتنعكس كمية أخرى منه في اتجاهات مختلفة، وحتى إن قلت هذه النسب، فإنها تجعل من السهل إدراك الجسم شبه المخفي بالعين المجردة… ولن تظهر لنا عباءة التخفي إلا إذا تم التغلب على هذه العوائق… فهل يكون بإمكان أحدنا يوماً ما أن يرتدي عباءة هاري بوتر ليختفي عن الأنظار.


 ساهم في تطوير دليلي عبر البايبال
468x60
معلومات عن التدوينة الكاتب : Unknown بتاريخ : السبت، 30 مايو 2015
المشاهدات :
عدد التعليقات: 0، للإبلاغ عن رابط معطوب اضغط هنا
250x300
تعليقات الفيس بوك
0 تعليقات بلوجر
مدونة دليلي
عرب ويب