رحلة إلى جبال الأنديز

468x60
رحلتنا اليوم ستكون مزدوجة ففي البداية سننطلق لأطول وأغرب سلسلة جبلية على وجه الأرض ، ومن هناك سننفذ إلى أحداث غامضة ومخيفة وقت قبل أربعة عقود في جبال الأنديز.
 وهي حادثة تحطم طائرة الرحلة 571 لسلاح الجو الأوروغوياني فوق جبال الأنديز والأهوال التي عاشوها ركاب الطائرة فيها لمدة 72 يوما في متاهات الأنديز .
جبال الأنديز  سلسلة جبلية واسعة ممتدة على طول الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية.  وهي أطول سلسلة جبلية على سطح الأرض حيث يصل طولها إلى  7100 كيلومتر،
 ويصل إرتفاع أعلى قمة في جبال الأنديز إلى 6959م وهي قمة أكونكاجوا في الأرجنتين. تمتد سلسلة جبال الأنديز عبر سبع دول وهي : الأرجنتين ، والإكوادور وبوليفيا ، وبيرو ، وتشيلي ، وكولومبيا، وفنزويلا .
وبسبب امتداد جبال الأنديز لآلاف الكيلومترات كان تنوع الطقس والبيئات في أجزاء كثيرة من هذه السلسلة الجبلية ، فالجبال تعبر الغابات المطيرة
 تلك الغابات الخضراء الجميلة كثيفة النباتات وكثيرة الحيوانات
 كما تقطع تلك الجبال صحاري قاحلة
وأيضاً على قمم جبال الأنديز تتواجد الثلوج بكثافة . وكذلك المناخ في جبال الأنديز يتنوع من الرطب والدافئ نسبياً شمالاً إلى البارد الجاف وسطاً، ثم المُثلج وشديد البرودة جنوباً.
وتحتوي على أكثر من 50 بركان نشط على مستوى العالم، لعل أبرزها بركان أوخوس ديل سالادو على الحدود بين تشيلي والأرجنتين وبإرتفاع يُقارب الـ6900 متر عن سطح البحر.
وتحتضن جبال الأنديز عشرات المدن العالمية المشهورة بإرتفاعها ومناظرها الخلابة . ومن تلك المدن عواصم خمس دول من دول أمريكا الجنوبية وهي الإكوادور وبوليفيا ، وبيرو ، وتشيلي ، وكولومبيا . ولعل أبرز تلك العواصم سانتياغو عاصمة تشيلي، وكيتو عاصمة الإكوادور وكذلك لا باز عاصمة بوليفيا.  حيث تبدوا تلك المدن للرائي من بعيد وكأنها لوحات فنية نقشتها يد فنان مبدع  .
نكتفي بهذا القدر من الحديث عن جبال الأنديز  ، ونخترق حاجز الزمن باتجاه الماضي وبالتحديد في 12 أكتوبر من عام 1972م ففي ذلك اليوم غادرت رحلة رقم 571 تابعة لسلاح الجو الأوروجوياني مونتيفديو متجهة إلى سانتياجو.
وكان على متن الطائرة فريق الرجبي “أولد كريستيانز” وكان يرافقه مجموعة من الأصدقاء والمعارف، حيث كان مقررا أن يخوض الفريق مباراة ودية في العاصمة التشيلية.
توقفت الطائرة لليلة واحداة في مندوسا بالأرجنتين بسبب سوء الأحوال الجوية. ومن الغد، قرر قبطان الطائرة الكولونيل خوليو فيراداس عبورجبال الأنديز بجانب بركان بلانشون بيتيروا الذي يقع جنوب السلسلة، وعند عبور هذه النقطة كان من المقرر أن ترجع الطائرة شمالا إلى سانتياغو، بعد اعتقاده أنه سيتفادى السحب الكثيفة في طريقه، حذر القبطان برج مراقبة مطار سانتياغو أنه يقترب من كوريكو وبدأ يصل إليها. كان تقدير الموضع الذي احتسبه الطيار خاطئا، حيث أن سرعة الطائرة كانت ضعيفة بسبب الرياح التي تواجهها إضافة إلى تمديد وقت الرحلة. واجهت الرحلة مشكلة مبكرة جدا وتحطم جزء وكسر الجناح الأيمن، ثم إنطلق الجزء المتحطم وضرب زعنفة الطائرة وألحق بها ضررا كبيرا بترك فجوة في وسطها، وكان الجناح الأيسر بدوره متحطما بعد اصطدامه بإحدى القمم الجبلية ثم تحطم جسم الطائرة على إرتفاع 600 3 متر في منطقة نائية في إقليم مالارغي على الحدود الأوروغويانية التشيلية. توفي اثنا عشر شخصا على الفور، وثلاثة آخرون متأثرين بجروحهم في الليلة الأولى.
وحوصر الناجون في إحدى القمم بين الثلج والبرد ، وبعد أن تفقد الناجون المكان التي سقطوا فيه
 أدركوا  مدى الورطة التي وقعوا فيها: كانوا على ارتفاع 4 ألاف متر وفي درجات حرارة منخفضة قد تصل إلى 30 درجة مئوية تحت الصفر مع القليل من الطعام فقط وجسم الطائر المحطمة كمأوى ضد الرياح والثلوج. وكان الوقت يمر وهم على هذا الحال . وبعد عشرة أيام، سمعوا الخبر المرير بأن عملية البحث عنهم قد تم إلغاؤها بعد اليأس من العثور عليهم أحياء وذلك عبر جهاز مذياع صغير كان معهم .
بعد انتهاء ما تبقى لهم من مأكولات، قرر الناجون أكل لحم الضحايا المتوفين بكميات قليلة للحفاظ أبسط حاجيات الجسم والذين حفظت أجسادهم بسبب البرد والثلج. في29 أكتوبر، غطى انهيار ثلجي الطائرة التي كانت مأوى للناجين، وأودى بحياة ثمانية ركاب أخرين. منذ الأيام الأولى اقترح البعض بالخروج والبحث عن أماكن يتواجد فيها الناس لجلب النجدة، ولكن تم تنظيم عدة دورات حول الطائرة للبحث عن أثر للحياة ولكن البرد والإرتفاع وسوء التغذية والعمى الثلجي أحالوا ضد حرية حركة الناجين، أخيرا اتفق إثنان على الخروج للبحث عن النجدة وأخذوا معهم أكثر الألبسة حرارة وقدرا كافي من لحم الضحايا، وبعد عشرة أيام من السير قطع خلالها فرناندو بارادو وروبيرتو كانيسا السلسلة الجبلية، توقفا بجانب أحد الأنهار حيثوا كانا قد أهلكهما التعب وسوء التغذية حتى وجدهما الهوغواسو (راكب الخيل التشيلي) سيرجيو كاتالان الذي أبلغ السلطات بوجودهما.
وفي 22 ديسمبر 1972، قامت طائرتين مروحيتين عسكريتين بالذهاب إلى موقع الحادث وكان قد أدلهما عليه أحد الناجين وهو بارادو، وتم إنقاذ نصف الناجين ال16، وتم إنقاذ النصف الأخر من الغد لسوء الأحوال الجوية، وبعث الجميع للتداوي في المستشفيات لأنهم كانوا يعانون من مرض عضة البرد وسوء تغذية والجفاف ونقص الفيتامين سي وداء المرتفعات.
فاصل 1
فاصل 1

468x60
معلومات عن التدوينة الكاتب : Unknown بتاريخ : الأحد، 20 سبتمبر 2015
المشاهدات :
عدد التعليقات: 0، للإبلاغ عن رابط معطوب اضغط هنا
250x300
تعليقات الفيس بوك
0 تعليقات بلوجر

من الرائع ان تشاركنا تجربتك ورأيك، من فضلك لا تستخدم أي كلمات خارجة، روابط لا علاقة لها بالموضوع لانه سيتم حذفها فوراً.
وتذكر قوله تعالى: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"

شكرا لتعليقك
مدونة دليلي
عرب ويب