الحقبة الزمنية للحرب العالمية الثانية ، من الحقب النادرة التي أطلقت فيها الطاقات البشرية لحدودها القصوى ، ونتج عن ذلك الإطلاق أعمال قد تكون أقرب للمستحيل في ذلك الزمن بل إن بعضها يصعب تكراره حتى في زماننا اليوم .
من تلك العجائب المدمرة اليابانية العملاقة ياماتو السلاح السري الذي بدأ اليابانيون صناعته في فترة الاضطرابات التي سبقت الحرب العالمية الثانية ، وبالتحديد في عام 1937م ، وتم الإنتهاء من صنعها في 1941م وكانت تبحر لأماكن محددة بعيدة الانظار وذلك للحفاظ على سرية هذا السلاح الجبار ، لكي تتم مباغتة العدو بها في المعارك الكبرى .
ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا لم تصنع سفينة حربية بحجم وقوة المدمرة ياماموتو وعن مواصفات و قدرات السفينة الجبارة فهي كالتالي :
طول السفينة : 263 متر.
العرض: 36 متر.
الجزء الغائص في الماء 11 متر .
الوزن : 72000 طن .
وكان قطر مراوح الدفع 6 أمتار .
وكان تدريع السفينة سميك جداً بحيث يمكنه صد قذائف الطائرات ومدفعية الأساطيل المعادية .
وكان تسليح السفينة يتكون من :
9 مدافع ثلاثية السبطانة من عيار 460مم . وهو أكبر عيار مدفعية وجد حتى يومنا هذا وكانت القذائف المستخدمة لهذه المدافع تزن 1.6 طن وكان مداها وتدميرها يفوق أي مدفع آخر .
12 مدف من عيار 155مم .
12مدفع من عيار 127 مم .
162 مدفع من عيار 25 مم مضادة للطائرات .
4 مدافع من عيار 13.4مم مضادة للطائرات .
واستطاع اليابانيون إخفاء أمر السفينة ياماتو عن الأمريكيين حيث كانت تبحر لمواقع محددة وتعود إلى المرفأ .
وصلت المعلومات للمخابرات الأمريكية أن اليابان تمتلك سفينة خاصة لا يوجد لها نظير بين الدول المتحاربة ولكن المعلومات التي وصلتهم عن هذه السفينة لم تحدد ما هي قدراتها ، لذلك أُرسلت طائرات الاستطلاع الأمريكية للبحث عن السفينة ياماتو ، وبالفعل عثرت الطائرات على السفينة اليابانية وحددت موقعها بدقة ، فقررت القيادة الأمريكية تدمير السفينة من قاذفات أمريكية تنطلق من حاملة طائرات لأن المواجهة المباشرة بالأساطيل ستكون انتحار . وبالفعل انطلق سرب من الطائرات الأمريكية من حاملة طائرات في المحيط ، وانقض على السفينة ، ولكن هذا السرب تفاجأ من قوة السفينة حيث كان تصفيح السفينة قوي جداً واستطاع تحمل الغارات ، إلا أن المفاجأة التي واجهها السرب هي قوة المدافع المضادة للطائرات وكثرتها ، والتي توفرت حماية قوية للسفينة من أية قوة جوية تقترب منها ، وبعد هذه المواجهة عادت السفينة لليابان وأصلحت بعض الأعطال التي نتجت عن الهجوم الأمريكي ، ووضعت خطة أمريكية أخرى لإغراق السفينة ياماتو وهي ضرب مقدمة السفينة بطوربيد آت ففي كل السفن تكون مقدمة السفينة المنطقة الأضعف حيث يكون تصفيحها قليل لصغر المساحة .
وبالفعل استطاعت بعض الغواصات الأمريكية الاقتراب من السفينة ياماتو وإطلاق طوربيداتها على مقدمة السفينة وكانت الإصابات مباشرة ، ولكن السفينة فاجأتهم كالعادة ، فبالرغم من أن مقدمة السفينة كانت الأقل تصفيح إلا أنها احتملت الضربة ولم تستطع الطوربيدات إغراقها ، واستمرت السفينة ياماتو نقطة تفوق للقوة البحرية اليابانية طيلة الحرب العالمية الثانية ،وفي معركة بحر الفليبين عام 1943م وهي معركة بحرية كبرى هُزمت فيها البحرية اليابانية شر هزيمة حيث خسرت البحرية اليابانية 3 حاملات طائرات وأكثر من 600 طائرة كانت المدمرة ياماتو مشاركة في تلك الحرب وتم استهدافها وإصابتها من قبل الطائرات والغواصات الأمريكية بقذائف وطوربيد آت ولكنها استطاعت الصمود وعادت لليابان لإصلاحها وظلت السفينة اليابانية ياماتو عصية على البحرية الأمريكية حتى جاءت معركة أوكيناوا في أخر سنة الحرب العالمية الثانية 1945م . وكانت معركة اوكيناوا أعنف وأشرس معركة في الحرب العالمية الثانية وبهذه المعركة كانت نهاية السفينة ياماتو ، ولكن نهايتها كانت مثيرة كبدايتها .
ففي السنوات الأخيرة للحرب العالمية الثانية ، طور الأمريكيون أسلحتهم البحرية والجوية بشكل كبير وأصبحت مقاتلاتهم وقاذفاتهم الجوية تفوق نظيراتها اليابانية ، كما أن البحرية الأمريكية طورت أساطيلها وحاملات الطائرات وزادت عددها بشكل كبير جداً ، وأصبحت القطع البحرية الأمريكية تتفوق على القطع البحرية اليابانية كماً وكيفاً من حيث التسليح وأيضاً التصفيح ، باستثناء السفينة الجبارة ياماتو فلم يستطع الأمريكيون بناء سفينة تتفوق عليها ولا حتى تساويها في القوة .
وفي السنة الأخيرة للحرب العالمية الثانية عام 1945م ، وجهت الولايات المتحدة أساطيلها الضخمة ، تدعمها أعداد هائلة من الطائرات المقاتلة والقاذفات إلى جزيرة أوكينا الاستراتيجية في المحيط الهادي .
وكانت أوكيناوا خط الدفاع الأخير للإمبراطورية اليابانية ، وكان سقوطها يعني سقوط اليابان ، وكانت مشكلة اليابان الرئيسية النقص الهائل في العتاد فكثير من أساطيلهم وطائراتهم تم تدميرها ، وكانت هذه المعركة معركة مصيرية يتوقف عليها مستقبل الإمبراطورية ووضع القادة اليابانيون خطة جهنمية لتلك الحرب يمكن من خلالها تعويض النقص الكبير لدى القوة اليابانية وتدمير القوات الضخمة للجيوش الأمريكية ، فالخطة كانت مبنية بشكل رئيسي على هجمات الكاميكازي (الطيارون الانتحاريون) وأيضاً كانت هناك فئات من الكاميكازي ينطلقون بواسطة زوارق صغيرة محملة بطوربيد آت ويصطدمون بالسفن الأمريكية ، ووضع القادة اليابانيون استراتيجيات كثيرة لضمان نجاح هجمات الكاميكازي ومن أكبر تلك الإشكالات التي واجهتهم أن المعركة ستكون في محيط كثيف من النيرات ، ولكي يتم تجاوز ذلك كانت خطة اليابانيون أن يكون هجوم الطائرات على شكل موجات بحيث تشتت الموجات الأولى العدو وتصل الموجات التالية لأهدافها أضف إلى ذلك ، هجوم مباشر تقوم به المدمرات والبارجات اليابانية في نفس الوقت وكان من أهم وأقوى السفن المشاركة في ذلك الهجوم المدمرة الجبارة ياماتو ، فمدافعها الضخمة كان مدها أطول من مدى أقوى المدافع في السفن الأمريكية وقذائفها هي الأكبر والأقوى تدميراً حيث يصل وزن القذيفة إلى 1.6 طن ولها قوة تدميرية هائلة .
وبالفعل بدأت معركة أوكيناوا وكما كان متوقع كانت المعركة شرسة بدرجة خيالية ، بل إنها كانت أشرس معركة في الحرب العالمية الثانية ، واستمرت المعركة لعدة أيام ، وقاتل اليابانيون بشراسة فاقت كل التوقعات الأمريكية ، وكما خطط اليابانيون فقد شتت الموجات الأولى من الكاميكازي القوات الأمريكية كما أن الهجوم الشرس للقوة البحرية اليابانية زلزل القوات الأمريكية ، وكانت الخسائر الأمريكية كبيرة جداً وفاقت توقعات القادة الأمريكيون حيث أغرق اليابانيون 81 سفينة أمريكية بطواقمها ، وألحقوا أضرار كبيرة بــ 195 ما بين سفينة وحاملة طائرات .
إلا أنه برغم تلك الخسائر الهائلة فقد استطاع الأمريكيون امتصاص كامل الهجوم الياباني بسبب ضخامة أساطيلهم وعدد جيوشهم المهاجمة ، أما اليابانيون فقد دُمرت كامل طائراتهم في آخر المعركة وبذلك فقدت البحرية اليابانية الغطاء الجوي .
القاذفة الأمريكية B-29
وعندها بدأت المقاتلات الأمريكية وخاصة قاذفات B-29 العملاقة هجومها على السفينة الجبارة ياماتو وكان المنظر مهيب حيث أعداد كبيرة من الطائرات تهاجم المدمرة الجبارة ، وتمطرها بوابل من القذائف ، إلا أن السفينة ياماتو ليست بالصيد السهل فمدافعها المضادة للطائرات التي يقارب عددها 170 مدفع كانت تعمل وبطاقتها القصوى ، وكانت تحصد ما يدخل في مجال مداها من الطائرات الأمريكية ، وكان المنظر من بعيد يبدوا وكأن هناك خيوط من اللهب تصل بين السفينة والطائرات وذلك لغزارة النيران ، ومما زاد الطين بله هجوم الغواصات الأمريكية والبارجات الأمريكية على السفينة ياماتو في نفس الوقت ، وكانت السفينة مدرعة بشكل كبير جداً ويصل عدد طاقمها إلى 3000 ما بين ضابط وبحار .
وهو ما يعادل تعداد جيش صغير ، واستبسل طاقم السفينة في صد الهجوم وأطلقوا مدافع السفينة الضخمة على سفن العدو بطاقتها القصوى ، وساعدت قوة دروع السفينة في تحمل كثير من القذائف و الانفجارات ، ولكن الوضع كان أكبر من أن يحتمل فأبواب الجحيم فتحت على مصراعيها فالطائرات تهاجم من السماء بغزارة عجيبة ، والغواصات تضرب بطوربيد آت من عمق البحر ، البوارج والمدرات تمطر السفينة بوابل من القذائف من مختلف الأحجام .
وبعد صمود أسطوري تجاوز أربع ساعات بدأت الانفجارات في السفينة ياماتو وبدأت بالغرق ومع بدايتها بالغرق وصلت إحدى القذائف لمستودعات الذخيرة في السفينة ودوا انفجار هائل مزق وسط السفينة وعجل بغرقها . وغرقت الأسطورة اليابانية وصاحب غرقها صيحات النصر من الجنود الأمريكيون وهم يشاهدون السلاح الذي أرعبهم طويلاً وهو يهوي في أعماق المحيط .
وحتى يومنا هذا لم تصنع مدمرة حربية بقدرات ياماتو ، ولا زال اليابانيون يفخرون بصناعتهم للسفينة ياماتوويحتفظون بمجسمات عديدة للسفينة في متاحفهم .
من الرائع ان تشاركنا تجربتك ورأيك، من فضلك لا تستخدم أي كلمات خارجة، روابط لا علاقة لها بالموضوع لانه سيتم حذفها فوراً. وتذكر قوله تعالى: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"
كل ما تحتاج معرفته في مكان واحد
على متن المدمرة اليابانية ياماتو
مقالات أخرى:
« التدوينة السابقة
التدوينة التالية »
من الرائع ان تشاركنا تجربتك ورأيك، من فضلك لا تستخدم أي كلمات خارجة، روابط لا علاقة لها بالموضوع لانه سيتم حذفها فوراً.
وتذكر قوله تعالى: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"
تابعنا على الشبكات الاجتماعية
الأكثر زيارة
تدوينات
مساحة اعلانية
اخر التعليقات
2015 جميع الحقوق محفوظة مدونة دليلي