اختراعات عن طريق الصدفة

468x60
عندما نتحدث عن الصدفة، فإننا نعني بذلك مواقف لم يكن هناك أي ترتيب مسبق لها، فهل يمكن لمواقف مثل هذه أن تؤدي إلى اكتشافات علمية تخدم البشرية؟! الكثير من الاكتشافات العلمية لم تكن معنية بذاتها، فتجد باحث يعمل على فكرة معينة، فيقوده الطريق إلى فكرة أخرى، واليوم نستعرض بعضاً من هذه الاكتشافات العلمية التي أتت بالمصادفة…
البنسلين: أظن أننا نعرفه جيداً، فهو من أشهر وأقدم المضادات الحيوية التي خدمت البشرية لفترة طويلة، وقد تم اكتشافه عن غير قصد على يد الباحث الاسكوتلندي ألكسندر فلمنج عام 1928 عندما كان يدرس البكتريا العنقودية، وقد وضع عينة من البكتريا على طبق وترك معمله وذهب ليقضي فترة إجازة، وعندما عاد للمختبر كان يتوقع تكاثر البكتريا على الطبق، ولكنه وجد نوع من الفطر قام بقتل البكتيريا، فكانت ولادة أول مضاد حيوي، وتمت فيما بعد دراسة المادة على يد الباحثين إرنست تشين و هوارد فلوري، وتقاسم الباحثون الثلاثة سنة 1945 جائزتي نوبل في الطب وعلم الوظائف.
الحديد المقاوم للصدأ: كانت أول ملاحظة تم تسجيلها لمقاومة الفولاذ للتآكل الحمضي على يد عالم المعادن الفرنسي “بيير برتيه” Pierre Berthier عام 1821 عندما لاحظ مقاومة سبيكة الحديد المطعم بالكروم للتآكل الحمضي، فاقترح استخدامها في أدوات المائدة نسبة لتعرضها المستمر للماء والأحماض، إلا أن تقنية المعادن التي كانت متوفرة في ذلك الوقت لا تمكن من إنتاج سبيكة من الحديد منخفض الكربون مع الكروم كما نجده الآن، وكان الناتج سبيكة هشة جداً وغير عملية، أما أول إنتاج صناعي فكان على يد هاري بريلي Harry Brearly عام 1913.
فرن المايكرويف: كان مهندس الإلكترونيات بيرسي سبنسر Percy Spencer يعمل لدى شركة ريثون Raytheon بعد الحرب العالمية الأولى، وفي أحد الأيام وهو يعبث بآلة تنبعث منها موجات مايكرويف انتبه إلى أن قطعة الشكولاتة التي في جيبه قد ذابت عندما مرّ أمام أحد الأنابيب المفرغة التي تبعث تلك الموجات، فأراد التأكد من ملاحظته، وبدأ بالتجارب التي من ضمنها كان سلق البيض، وفي النهاية توصل إلى فرن المايكرويف الذي نعرفه.
مادة التفلون: كان الكيميائي “روي بلونكيت” Roy Plunkett يعمل لدى شركة دوبونت DuPont، وفي أثناء تجابه على الغازات التي تستعمل كمواد وسيطة في عملية التبريد كان يود التوصل إلى مجموعة جديدة متنوعة من غازات الكربون الكلوروفلورية CFCs التي تستعمل في التبريد، وذات مرة تفقد إحدى الأسطوانات التي كان يفترض أن تحتوي على غاز بالكامل، ولكن المفاجأة أنه وجد فيها مادة أخرى على شكل قشور وقد غطت أيضاً جدار الأسطوانة، فأراد إزالتها ولكنه تفاجأ أنها خاملة كيميائياً كما أنها تتحمل درجات حرارة عالية وهي ملساء تماماً وزلقة جداً، فتم تسجيل هذا الاكتشاف ضمن براءات الاختراع، وصارت حينها خياراً مناسباً للاستخدام في المعدات العسكرية، والآن نستخدمها في الأدوات المنزلية، كما تستعمل في ألواح التزلج.
الأشعة السينية: تم اكتشافها على يد الألماني فيلهلم رونتجن Wilhelm Roentgen عام 1895عندما كان يجري تجارب على بعض الأشعة التي يقوم بتوليدها من خلال صمامات كهربائية، وكان يضع بعض الكرتون لحجب الأشعة، فلاحظ أن باستطاعتها النفاذ من خلال بعض الأجسام الصلبة دون غيرها، ووجد أنه يمكن صنع صور رائعة بهذه الأشعة الغريبة التي أسماها X، فكانت صورة الهيكل العظمي لزوجته من أوائل الصور التي تم التقاطها.
أعواد الكبريت: كانت أعواد الثقاب قديما تصنع من الكبريت، وهو سريع الاشتعال حتى بدون احتكاك، وكان يسبب الكثير من المشاكل، أما أعواد الثقاب التي نستعملها اليوم فهي تتكون من ثالث كبريتيد الأنتيمون ومادة مؤكسدة، بينما سطح العلبة يحتوي على بودرة زجاجية وفسفور أحمر وعند ضرب العود بسطح العلبة فان الحرارة الناتجة تحوّل الفسفور الأحمر إلى الفسفور الأبيض الذي يشتعل مباشرة وبالتالي يشتعل رأس العود. وقد ابتكر هذه الفكرة العالم البريطاني جون والكر John Walker في عام 1826، عندما كان في مختبره يخلط مواداً كيميائية باستخدام عود من الخشب، وبعدما جفت المواد الكيميائية على العود حاول والكر إزالتها عن طريق الحك، فلاحظ الشرار الناتج عن الاحتكاك، بعدها قم بتسويق فكرته.
الفيلكرو: عندما كان المهندس السويسري “جورج دي مسترال” George de Mestral خارج في رحلة صيد مع كلبه، لاحظ بعض أجزاء النباتات المزعجة قد التصقت بفراء كلبه وجواربه، فوضع هذه الأجسام تحت المجهر ليعرف سر قوة التصاقها، فوجد أنها تحتوي على خطافات hooks صغيرة للغاية تمكنها من التثبت بقوة، فحاول جورج تقليدها وجرب الكثير من المنسوجات حتى وصل بعد الكثير من العناء إلى النايلون، وصار بعدها الفيلكرو شائعاً حول العالم.
المطاط المعالج: بذل “تشالز جوديير” Charles Goodyear الكثير من الجهد في سبيل الوصول إلى مطاط مقاوم للحرارة والبرودة، وبعد عدد من المحاولات الفاشلة قام عن طريق الخطأ بسكب بعض المطاط والكبريت والرصاص على الموقد، فكان الناتج خليط متفحم ومتصلب ولكنه لايزال صالحاً للاستخدام.
الغبار الذكي: عندما كان طالب الدراسات العليا بجامع كاليفورنيا “جيمي لينك” Jamie Link يعمل على رقاقة من السيليكون، تدمرت الرقاقة وهو أمر محبط للغاية، ولكن ما أثار دهشة جيمي أن القطع الصغيرة التي تناثرت من تلك الرقاقة لازالت تعمل كأجهزة استشعار… فكان ذلك نقطة تغير ثورية في عالم الالكترونيات الدقيقة، واليوم يستخدم الغبار الذكي في كثير من التطبيقات بدءاً بالكشف عن الأورام داخل الجسم وحتى دراسة العوامل البيولوجية.
زجاج السيارات الآمن: قديماً كانت شركات السيارات تصنع الزجاج الأمامي من طبقة رقيقة تجعل السائق في خوف دائم من أن يتعرض الزجاج للكسر فيصيبه. وفي عام 1909 وجد عالم الكيمياء الفرنسي “إدوارد بينيدكتس” الحل داخل مختبره عندما سقطت قارورة زجاجية على أرض المختبر، فلاحظ إدوارد أن الزجاجة لم تنكسر لأنها كانت مغطاة بمادة بلاستيكية من الداخل، فعرض فكرته على شركات تصنيع السيارات إلا أنه تم رفضها في البداية لأنها ترفع من تكلفة التصنيع، أما الآن فقد أصبح الأمان أحد معايير تصنيع زجاج السيارات.
كما نلاحظ أن ما سبق من مواقف مرت بأشخاص دقيقي الملاحظة ومتسعي الفكر، فتم الاستفادة منها في اكتشافات واختراعات ساهمت في تقدم البشرية، وعلينا أن نكون متيقظين دائماً لمواقف كهذه في حياتنا، فلا ندري ربما تمر بنا لحظات نستثمرها في المستقبل…
فاصل 1
فاصل 1

مقالات أخرى:

468x60
معلومات عن التدوينة الكاتب : Unknown بتاريخ : الأحد، 23 أغسطس 2015
المشاهدات :
عدد التعليقات: 0، للإبلاغ عن رابط معطوب اضغط هنا
250x300
تعليقات الفيس بوك
0 تعليقات بلوجر

من الرائع ان تشاركنا تجربتك ورأيك، من فضلك لا تستخدم أي كلمات خارجة، روابط لا علاقة لها بالموضوع لانه سيتم حذفها فوراً.
وتذكر قوله تعالى: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"

شكرا لتعليقك
مدونة دليلي
عرب ويب