السيارات الطائرة

468x60

لم يكن حلم السيارات الطائرة شيئاً جديداً كما نظن، إلا أن الفارق بين الفكرة قديما وحديثاً هو اقتراب موعد تحقيق هذا الحلم، وحقيقة الأمر أن السيارات الطائرة أو ما تعرف بالمركبات الطائرة القابلة للسير Roadable aircraft بدأت المحاولات فيها منذ عام 1917 أي عقب تحقيق حلم الطيران بفترة قصيرة، ومرت الفكرة بالعديد من المحاولات هنا وهناك حتى اقترب موعد تحقيق الحلم.
كانت المركبة Curtiss Autoplane أول محاولة لصنع طائرة قابلة للسير، وهي من تصميم “جلين كورتس” Glenn Curtiss المنافس الرئيسي للأخوين رايت. وكانت تحتوي على عجلات للسير، ولها هيكل معدني من الألمونيوم، وبها مروحة أمامية وأخرى خلفية، وتحتوي على محرك بقدرة 100 حصان بخاري. كل هذه التجهيزات إلا أن المركبة لم تقم قط بطيران حقيقي، بالرغم من أنها استطاعت الارتفاع عن الأرض، أضف إلى ذلك أن عالم الطيران آنذاك يعتمد على التجربة وليس الحسابات الدقيقة.
ومن المحاولات الأولى أيضاً مركبة أوتوجيرو Autogiro Company of America AC-35 والتي كانت في الثلاثينيات من القرن الماضي، بدأ العمل عليها منذ عام 1935، وقد كانت التجارب عليها ناجحة، واستطاعت أن تحلق بسرعات عالية، وتسير على الطريق بسرعة 40 كم/ساعة، ولكن على الرغم من نجاح التجارب إلا أنها لم ترقى لمرحلة التصنيع والإنتاج، وكانت هناك محاولة أخرى عليها في الستينيات لاعادة تصميمها لتعمل كطائرة فقط، إلا أن المحاولة الأخرى فشلت هي أيضاً.
أما المحاولة التي تم توثيقها كأول محاولة ناجحة لطائرة قابلة للسير، كانت تلك التي صنعها المخترع الأمريكي “والدو دين ووتر مان” Waldo Dean Waterman، وتعد مساهمة ووتر مان من المساهمات الفاعلة في مجال الطيران، فقد تمكن من تحقيق عملية طيران ناجحة بطائرته ذات الثلاث عجلات في مارس 1937، وعلى الرغم من نجاحها تقنياً إلا أنها لم تجذب اهتمام المستخدمين، ولم يتم منها انتاج سوى 5 طائرات، وقد ظهرت لاحقاً نماذج أخرى تعد تطوراً لنفس الطائرة.
وعلى الجانب البريطاني كانت هناك أيضاً محاولات ناجحة مثل طائرة “هافنر” Hafner Rotabuggy وهي عبارة عن سيارة جيب Jeep حربية تم دمجها مع مروحية كمحاولة لإنتاج طائرة قابلة للسير على الطرق الوعرة، وقد أظهرت التجارب الأولية أنها قادرة على السقوط من ارتفاع 2.35 متر والسير أيضاً، وكانت تحتاج لشخصين لقيادتها؛ أحدهما لقيادتها في وضع الطيران، والآخر لقيادتها في وضع السيارة، وقد وصفت بأنها كانت مرضية جداً من خلال التجربة، ولكن مع بداية ظهور الطائرات الشراعية التي باستطاعتها نقل المركبات، مثل الطائرة “واكو” Waco Hadrian تم الغاء تطوير طائرة هانفر.
كان باستطاعة الطائرة الشراعية واكو أن تنقل سيارة جيب إلى أرض المعركة، كما يمكنها أن تحمل 13 جندياً بمعداتهم إلى المعركة، وبالإضافة لتصميمها الغير مكلف أصبحت خياراً مناسباً للجيش الأمريكي والبريطاني في الحرب العالمية الثانية بدلاً من بذل المزيد من الجهود في الطائرات القابلة للسير.
ومن المحاولات الناجحة جداً كانت تلك المركبة التي تدعى طائرة تايلور الهوائية Taylor Aerocar والتي صنعها مولتون تايلور Moulton Taylor في واشنطن عام 1949 وقد استلهم تايلور فكرته من مخترع آخر كان يحاول صنع واحدة، فقام تايلور باستبدال الأجنحة بأخرى أفضل في تصميمه، فكانت النتيجة تحليق ناجح إلا أن الطائرة لم تدخل أية عملية تصنيع وإنتاج كبيرة، وتم صنع ستة نماذج منها فقط، ويشهد على نجاحها أن أحد نماذجها حلق في عام 2008.
هناك محاولة أخرى شهيرة كانت بين عامي 1971-1973 من شركة AVE الأمريكية وكانت محاولة للدمج بين سيارة “فورد بنتو” Ford Pinto مع طائرة “سيسنا سكاي ماستر” Cessna Skymaster، وقد اطلق اسم ميزار على الهجين الناتج Mizar وكان اسم مصممها “هنري سمولنسكي” ولكن لسوء الحظ تحطمت الطائرة أثناء التجربة وقتلت هنري والطيار الذي معه.
من ناحية أخرى كانت هناك فكرة مختلفة لسيارة عائمة مثل القطارات المغناطيسية المعلقة، بحيث تطفو على الطريق بفعل قوة الرفع المغناطيسية، وهي فكرة ناجحة لحدٍ ما ويمكن تنفيذها إلا أنها تحتاج لبنية تحتية ضخمة ومكلفة جداً لتغطية جميع العالم بطرق مغناطيسية.
أما الفكرة التي ينعقد الأمل عليها فقد ظهرت مؤخراً في النمسا على يد فريق من شركة أيروموبل AeroMobil، وهي فكرة لمركبة قابلة للتحول من سيارة لطائرة، وقد تمت تجربتها بنجاح في عام 2013، وهي خلاصة لتطوير على مدى 20 عاماً، ومن المتوقع أن تظهر في الأسواق في عام 2017.
يبدو أن الشركة قد استفادت من التجارب السابقة، فكما نلاحظ أن التجارب السابقة كانت عبارة عن دمج بين سيارة وأجنحة طائرات، وكان التحدي في أن مفهوم السيارة يختلف تماماً عن الطائرة فالأجنحة تشكل عائق أمام الطائرات للسير في الشارع، لذلك قام الفريق بتصميم هذه السيارة بأجنحة قابلة للطي.
لاتزال هذه الطائرة قيد الاختبار حتى يتم التأكد من تناسبها تماماً مع المستخدم، كما أنها لابد أن تكون آمنة وعملية للاستخدام في المدن حتى تلقى رواجاً في الأسواق، وهي بالتأكيد مؤشر قوي إلى أن الفترة المقبلة ستشهد نقلة كبيرة في مفهوم السيارات، فهل سنرى ذلك قريباً؟
لمزيد من المعلومات:
1  2
فاصل 1
فاصل 1

مقالات أخرى:

468x60
معلومات عن التدوينة الكاتب : Unknown بتاريخ : الأحد، 23 أغسطس 2015
المشاهدات :
عدد التعليقات: 0، للإبلاغ عن رابط معطوب اضغط هنا
250x300
تعليقات الفيس بوك
0 تعليقات بلوجر

من الرائع ان تشاركنا تجربتك ورأيك، من فضلك لا تستخدم أي كلمات خارجة، روابط لا علاقة لها بالموضوع لانه سيتم حذفها فوراً.
وتذكر قوله تعالى: "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"

شكرا لتعليقك
مدونة دليلي
عرب ويب